التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نضال سليم يكتب: لماذا نصمم على مصرية "تيران وصنافير" وعدم التفريط بهما ؟!


منذ نعومة أظافر أجدادنا أو ربما أبائهم، والعدو الأول لنا جميعًا بني العرب هو الكيان الصهيوني القاتل اللقيط السليط على المنطقة العربية، يسرق من خيرها، يهذي ويسرق مايطيب له من الثمر المبارك في سلالها، يقتل شبابها، ويستبيح دماءها، لم نعلم أن هناك حاقدًا يتربص بنا أشر منه، وعلى مر التاريخ لم يفعل أي جنس بنا مثلما فعل من قتل وتخريب وتشريد.

هذا الكيان، مما لا يخفى على أحد، منذ أن تم زرعه بالقوة في المنطقة، ونحن نعيش حالة من عدم الاتزان، صحيح أنه احتل قطرًا صغيرًا من الرقعة العربية، ولكن تأثير وجوده أثر على كل شبر فيها، سياسيًا واقتصاديًا ولا أبالغ حين أقول ثقافيًا وأخلاقيًا أيضًا، فمنذ خميسن عامًا، في أواسط ستينيات القرن الماضي، أي بعد ما كان قد مر على نكبة فلسطين ما يربو على عقد ونصف العقد من الزمان، قرر العدو الصهيوني احتلال جبهات جديدة من القطر العربي، شملت شبه جزيرة سيناء والقدس وهضبة الجولان -بالطبع منها ما تحرر ومنها ما لا يزال تحت قبضة الاحتلال يعيث فيها خرابًا حتى يومنا هذا- والمصائب تلاحقنا، والأخطار تحدق بنا، والمخططات الصهيونية تتلاعب بنا بتنفيذ جيد من الأنظمة العربية الحاكمة.

حتى لا يكون الحديث معتادًا، دعونا نقتحم صلب الموضوع، ببساطة شديدة نقف في طليعة الأحداث المباشرة التي أدت لشن الحرب المذكورة، ما يطلق عليها العرب اسم «النكسة» أو ما يسميها المحتلون «حرب الأيام الستة»، قرارات وأحداث مهمة وقعت منذ منتصف مايو 1967، من بينها مطالبة مصر بسحب قوات الأمم المتحدة من سيناء وبدؤها حشد جيشها في سيناء، وإغلاقها يوم 22 مايو في العام نفسه، مضيق تيران بالبحر الأحمر في وجه الملاحة الصهيونية، وهو ما اعتبرته حكومة الاحتلال بمثابة إعلان رسمي للحرب عليها.

إذًا، مضيق تيران الذي يفرط فيه النظام المصري اليوم بكل سهولة كان سببًا من أسباب اشتعال العداء بيننا وبين الكيان المحتل، لم تتحكم فيه المملكة العربية السعودية وقتها ولم تحارب من أجله، وهو ما يسقط كل الادعاءات نسمعها كل يوم، بالطبع أنا لم أذكر هذه الأحداث لإثبات مصرية الجزيرتين، فسيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها، وأن دخول الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية أثر للسيادة المستقرة، كما جاء في الحكم التاريخي الصادر من محكمة القضاء الإداري، لكن هو مجرد تنبيه بصاحب المصلحة الكبري من خروج الجزيرتين من الحدود المصرية، وافتتاحية لما هو آت.

رفضنا للتفريط في سيطرة مصر على مضيق تيران ليس عبثًا ولا خيانة للوطن، بل الخيانة الحقيقية تلاحق من يوافق على التفريط والتنازل عن أي شبر من أرض الوطن لسبب أو لآخر، كلنا يعلم أطماع بني يهود في أرضنا العربية وخيراتها وثرواتها، كلنا يعلم أن هناك مخططًا معقدًا يحاك ضد هذه الأمة، ولا والله لن أقول إنه يحاك بالليل، بل في وضح النهار، يعلنوه بكل شفافية وفخر، ونحن نلاقيه دومًا بالسخرية والنكات.

في الواقع، البعض قد يسخر من القلق بأي أطروحة سياسية تتعلق بالصراع في المنطقة، لكن لا ننسى أن وعد بلفور المشؤوم وغيره كان مجرد أطروحة سياسية وتحول إلى أمر واقع بعد ربع قرن، وبعد محاولات عديدة من عدة دول، وتعاني منه المنطقة حتى يومنا هذا أشد معاناة، لذا لن نرهق أعينكم بخرائط ودلائل تثبت أن الأرض مصرية بالفعل لأن هذا الأمر مفروغ منه سياسيًا وجغرافيًا وتاريخيًا وقضائيًا إن شئت، لكن نجتهد أن نفسر إصرار النظام الغريب على تسليم الجزيرتين.

دعونى أذكركم بخطة الجنرال «جيورا إيلاند»، التي أقرها واقترحها الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الصهيوني والباحث بمعهد الأمن القومي، الجنرال «جيورا إيلاند»، في عام 2009، كحل نهائي لإقامة الدولة الفلسطينية، وتقوم على مضاعفة مساحة غزة مرتين أو ثلاث مرات، بضم 600 كيلو من سيناء للقطاع، لتكون هناك فرصة لبناء مدن جديدة للفلسطينيين في سيناء مع إقامة ميناء بحري ومطار دولي، مما يحقق تنمية اقتصادية حقيقية للفلسطينيين.

وقال «إيلاند» في خطته: «في النهاية لن يخسر أي طرف أراض جديدة، وفي حين أن إسرائيل ستتمكن من التوسع في المشروعات والمستوطنات بالضفة الغربية ستستفيد مصر اقتصاديا، فالميناء والمطار الجديدان سيكونان حلقة اتصال بين مصر والخليج العربى وأوروبا، كما يمكن لمصر إقامة ممر بري، لجعل الحركة من مصر إلى بقية دول الشرق الأوسط أسهل بكثير، دون الحاجة للعبور بأراضي إسرائيل».

وفي أبريل 2016 كشف باحث صهيوني وضابط سابق في سلاح الاستخبارات العسكرية، أن السيسي عرض على رئيس السلطة الفلسطينية خطة لإقامة دولة فلسطينية في سيناء، تقضي بنقل ما مساحته 1600 كم2 من الأراضي المصرية في سيناء إلى السلطة الفلسطينية، مؤكدًا أن الخطة تضمن أن تكون هذه الاتفاقية شاملة لتصبح أرض العودة للفلسطنيين المشتتين في مخيمات لبنان وسوريا.

خطة الجنرال «إيلاند» والتنازل عن تيران وصنافير، وتهجير المدنيين من سيناء، وخلق جماعات مسلحة تقاتل باسم الدين أو غيره في سيناء كلها فصول متوازية في المخطط المحاك، فالهدف الأول والأخير ليس بسط السيادة المصرية على جزيرة وحسب، بل هو بسط السيطرة على أراضينا التي يطمع فيها المحتل، هو كبح لجام التفريط والبيع القادم لأجزاء جديدة من الأراضي المصرية، خاصة في ظل التعتيم الإعلامي الرهيب الذي يحيط بالأمور في سيناء، وعلى الرغم مما يفعله النظام في أي مكان في مصر أينما ذهب زاعمًا أنه يحارب الإرهاب ليقتل أو يعتقل، فإنه يحاول جاهدًا أن يصور ويثبت صحة كلامه، إلا في سيناء، يحارب الإرهاب منذ سنوات ولم نسمع عن تطهيرها حتى اليوم.

نسمع كل يوم عن المزيد من المصريين المدنيين أو العسكريين بين قتيل وجريح، فما لبث حتى جعل سيناء مسرحًا لاقتتال مصري – مصري خالص، ناهيك عن هدم البينة التحتية السيناوية من انقطاع دائم للماء والكهرباء، وفرض حالة حظر التجوال وفرض الأحكام العرفية، وهو ما أثر على حياة المصريين هناك، ما جعل الكثير منهم ينزح طالبًا لعيش كريم في منطقة غير المراد تفريغ سكانها منها، بالطبع الشيء بالشيء يذكر، حدث ولا حرج عن تهجير الأقباط منها وشهاداتهم التي أدعوكم أن تسمعوها مرارًا وتكرارًا، وبالطبع توسعة الرقعة العازلة الحدودية وهو ما استدعى هدم قرى بأكملها على رؤوس من فيها ممن رفضوا الخروج.

وأيضًا هناك العديد والعديد من مقالات للكاتب الصهيوني «يوسي ميلمان» الذي أكد مرارًا أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تقدمان مساعدة استخباراتية للنظام المصري في سيناء، فضلًا عن حكومة الاحتلال التي تفعل أكثر من المساعدة الاستخباراتية منذ أكثر من عامين مع النظام العسكري، حتى بلغ التعاون الاستخباراتي الوثيق مع وحدة 8200 الصهيونية، وجهاز الأمن العام الصهيوني «الشاباك»، وسلاح الجو الصهيوني الذي يساعد من خلال طائرات بدون طيار في تنفيذ هجمات، لا نعلم حقيقة المقتول فيها وما ذنبه.

عملية التنازل عن سيناء، بات احتمالًا ملحًا للمناقشة أكثر من أي وقت مضى، بالنظر إلى تطورات الأوضاع الأمنية هناك، والتي بدأت تفرز عمليات نزوح لأهالي شمال سيناء، بسبب تصاعد العمليات هناك، بالإضافة إلى التصريحات العديدة لمسؤولين صهاينه، مثل الذي صرح به الوزير بدون حقيبه في حكومة الاحتلال «أيوب قرا» حول مناقشة رئيس الولايات المتحدة «دونالد ترامب»، و«بنيامين نتنياهو»، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، لمقترح قدمه السيسي لإنشاء وطن للفلسطنيين على قطاع غزة وجزء من سيناء، فيما عرف بـ«خطة التسوية».

وفي ديسمبر 2004، تم تأسيس كتيبة «كاراكال»، -تعني: القطط الصحراوية نسبة إلى قط صغير منتشر في منطقة وادي عربة-، احتُفِل بمرور عقد على تأسيسها على حدود الأراضي المحتله مع سيناء، وهي كتيبة مشاة ضمن تشكيلات جيش الاحتلال الصهيوني، يتدخل فيها العنصر النسائي، وأفضل مقاتلي الوحدات الصحراوية في جيش الاحتلال.

نائب قائد كتيبة «كاراكال» الصهيونية التي تعسكر على الحدود بين سيناء والأراضي المحتله، قال في 3 نوفمبر الماضي لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، بأنه «بطبيعة الحال، ليست المخدرات هي الخطر الحقيقي على الحدود في سيناء، بل الإرهابيون».

«يسرائيل روزنفيلد» قائد الكتيبة ذاتها، أكد في حوار مع صحيفة التليجراف البريطانية في أكتوبر الماضي -محذرًا: «يمكن أن يحدث اليوم أو غدًا أو في غضون شهر أو ستة أشهر، لكن سيأتي يوم ونشتبك داخل سيناء».

لعل أبرز المخاوف، هو تواجد كتيبة «كاراكال» على الحدود المصرية، حيث إنها وبحسب ما أكدته وزارة الحرب الصهيونية في تقريرها الأمني، وكلتها في حراسة الحدود مع سيناء، التي يصفها التقرير بأنها قطعة من الغرب المتوحش.

كل هذه الأخبار وغيرها ربما تكون محل سخرية البعض، لكن عندما توضع الكلمات بجوار بعضها البعض، ربما يتم ترتيبها ليتكون منها جمل أشد خطورة من تلك التي رسخت في عقولنا، تيران وصنافير مصرية منذ أن تم تأسيس المملكة السعودية في 1932، مصر أقدم من هذا بكثير، وأهلها مهما غلبهم الجلاد فإن نبضهم لا يموت، وإن هذا الكيان الذي يراد استئصال كرهه من قلوبنا لن يستطيع أن يجني مراده ولو أنفق كل «الرز» الذي معه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة معملش حاجه تستحق الذكر - مصطفى إبراهيم

ما عملش حاجة تستحق الذكر موظف عادي في هيئة حكومية إجمالي ما يحصل عليه الف تلتمية و حاجة جنية لا يعول و غير مسؤول الا عن نفسه لا يبوح للأصدقاء العابرين عن أمله او يأسه كان عادي جدا مضموناً و شكل مش شرير و مش طيب مش موهوب و مش غبي  مش مجذوب و مش نبي و لا حتى عاش قصة كفاح ع اللقمة في بلد أجنبي تِلهم بتوع السيما يحوّلوها لفيلم او حتى يوحش حد ساعة الأكل م النوع اللي تستغرب لو جه لحد ف حلم بس النهارده ف المنام جالي واقف على الشعرة اللي بين الوجود و العدم..  فاتح عينيه ماشي ف شارعهم المليان تراب خطاويه ما بتعلّمش ورا منه و كأنه من غير قدم... ع الأرض و كأنه كان ماشي بس الزمن هوّ اللي ما بيمشيش كان ماشي و احنا متسمّرين حواليه لحد ما بلعه الضباب بشويش يشبه بطل أسطوري و خيالي ما عملش حاجة تستحق الذكر غير إنه واقف لسه على رجليه

أضرب.. قصيدة للشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي

اضـــــرب فلسنا نخـــاف السوط والوجعَ اضرب لأنك تبدو خائفــا جـــــــــزعَا الضــرب قشة قسم الظهر فــــــي بلدي فاضـــرب فمـا كنت فـي ذا الأمر مبتدعًا واضـــرب برأســك حيطانــــا وأعمدة واضــــــرب بظلمك أحزابـــاً ومجتمعًا الضــرب بالكــــف سهل إن صبرت لــه والضرب بالحرف دومـاً يـُـــــورثُ الهلعَا فاضـــرب بكفك طــــــول الليل توأمها حتــى بدوت كمن فــــــــي أهله فُجعَا الضـرب بالصفع فــــــي أرضي مخاطرة كــــــم قــد رأينا مرار صافــعا صُفعَا واضـــرب بليلك أخماســــــا لتسكتنا تــــرى النتيجة صــوت الحــق مرتفعاَ كــم مارس الضرب قواد وعـــــــاهرة كـــــــلاهما لصنوف العهر قـــد رضعَ فـــاضرب دفوفك يــــــا مغوار بلدتنا ونـــــم بنصرك طــــول الليل مُنخدعَا لا الضرب يُجدي ولا الأجناد تـــــــرهبنا كــــــم ضارب قـــــد دفنا بعدما قمعَا وفــر سياطك ليس الســـــــوط يرهبني واضــــرب لتسكت شعري فـي الدجي الودعَا يــا مــن بدا بارعاً فـــــي ضرب إخوته لكـــــن بضرب عــــدو الأرض ما برعَا راقب خطــــــــاك فت

قصيدة أيها المارون بين الكلمات العابرة | محمود درويش

أيها المارون بين الكلمات العابرة احملوا أسماءكم وانصرفوا واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، و انصرفوا وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا انكم لن تعرفوا كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء أيها المارون بين الكلمات العابرة منكم السيف – ومنا دمنا منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا منكم دبابة أخرى- ومنا حجر منكم قنبلة الغاز – ومنا المطر وعلينا ما عليكم من سماء وهواء فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا وادخلوا حفل عشاء راقص .. و انصرفوا وعلينا ، نحن ، أن نحرس ورد الشهداء و علينا ، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء أيها المارون بين الكلمات العابرة كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة خلنا في أرضنا ما نعمل و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى أجسادنا و لنا ما ليس يرضيكم هنا حجر.. أو خجل فخذوا الماضي ، إذا شئتم إلى سوق التحف و أعيدوا الهيكل العظمي للهدهد ، إن شئتم على صحن خزف لنا ما ليس يرضيكم ، لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل أيها المارون بين ا