التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نضال سليم يكتب: نعم أنت تستحق الإعدام !!



تُصنف دائماً فترة الحكم الناصري على أنها من أبشع الفترات القمعيه التي مرت على مصر منذ بداية الخليقه بسبب ما رواه الكثير ومن بينهم رواية المؤرخ والصحفي الكبير الراحل "جمال بدوي" رئيس تحرير صحيفة الوفد حيث قال في برنامج "شاهد على العصر" عام 1992 ( وآه لو يدري لاعبو كرة القدم الذين يلعبون الآن المباريات على أرض الاستاد الخضراء أن تحت هذه الأرضية مئات الهياكل العظيمة والجماجم والضلوع المفتتة لمصريين ماتوا من التعذيب، وكنت وأنا في زنزانتي أسمع الصراخ والأنين ممن يتم تعذيبهم، وبعضهم كان يموت فيدفنوه في مكانه تحت الأرض التي تحولت الى أول وأكبر مقبرة جماعية في مصر، قبل أن يهدموا السجن ويمهدوا الأرض ليبنوا فوقها ستاد ناصر الذي أصبح اسمه فيما بعد ستاد القاهرة) ، وكانت هذه حجتى الدائمه لرفاقى حين نناقش حكم الإعدام الذي أصدرته سلطات الانقلاب على الصديق "محمود حسن رمضان" بل كنت أحاول جاهداً أن تطمئن هذه الكلمات أهله كلما هاتفتهم رغم تكذيب حسهم لمثل ، بل إن زوجنه قالت لى نصاً فى أخر مكالمة قبيل تنفيذ الحكم أنها تعلم أنى غير مقتنع بما أقول وشكرتنى على أى حال.
في الحقيقه كان يدور بداخلى صراع رهيب ، وكنت أعيش فى حالة تشتت ذهني كبير حول مصير "محمود" ، لكن الانقلاب قطع هذا التشتت بفعلته الدنيه التى لا يمكن أن يفلت منها بدون عقاب ، فإعدامه ليس جريمه فى حقه أو حق ذويه فقط ، بل هى جريمه فى دستور الإنسانيه ، ووصمه عار على حقوق الإنسان والمتشدقين بها فى كل القنوات الإعلاميه والنوافذ الإجتماعيه.
بعد تفحص فى أوراق قضيه الصديق "محمود حسن رمضان" ضحية هذا المجتمع السطحي والإعلام الكاذب والسلطه الفاسدة أؤكد على أنه برئ تماماً من كل ما نسب إليه ، بل يتبين لكل ذي عقل أن القانون لم يحكم على محمود بالإعدام بل حكم عليه الإعلام الفاسد الذي أراد خدمة الانقلاب بتخويف الناس من الإسلام والإسلاميين واستخدم مظهره للتعبير على باطنه الإرهابي ، وكأن الإعلام أراد أن يقول أنه كلما زادت كثافة لحيتك زادت وحشيتك ، وكلما زاد إيمانك وتدينك زادت إرهابيتك ، ببساسطه القانون لم يحكم على "محمود" لأن الأدله لا تثبت جريمة القتل بل تثبت جريمة الإخلاص والفيديو لا يثبت جريمة القتل بل يثبت جريمه الشجاعه.

لابد أن نستغل تنفيذ الحكم بالمطالبة بالغاء الأحكام الصادرة بحق أبرياء جدد

في الواقع لقد تم إعدام "محمود" كعقاب لتهمة لم يرتكبها ، وهي الإنضمام لجماعة إرهابية وإلقاء أطفال من أعلى عمارة بالإسكندرية ، والحقيقة المطلقة تقتضي أن نعلن أن "محمود" لم ينتمى لأى جماعة أو فصيل ، فهو مسلم فقط ، لو كان إرهابياً كما تزعمون فأتوا ببرهان واحد يقبله العقل والمنطق ، أو عليكم أن تعلنوا أن كل مسلم هو إرهابي ، وأما الثانيه فعليكم مشاهدة الفيديو مراراً حتى يتضح لكم أن "محمود" لم يلقي الأطفال بل كان بعيداً تمام البعد عنهم لحظة الوقوع وهو ما أكده خال أحد الأطفال فى مداخله على أحد قنوات الانقلاب أن "محمود" لم يلق أحد بل كان يلقن أحد الأطفال الذين سقطوا الشهادة وأن نجل شقيقته ذهب إلى المستشفي وهو في كامل وعيه ولكن الأطباء تركوه ينزف حتى الموت .
لقد كان "محمود حسن رمضان" رجلاً من الطراز الفريد ، شديد الإخلاص لدينه ، ووطنه، وأهله، وأصدقاءه، وعمله، وسأظل طوال حياتى أدافع عن قضيته وأسير على خطاه حتى ألقي الله وألقاه ، لا أزال أتذكر أخر مكالمه والتى كانت قبيل الانقلاب بأيام حيث اتفقنا أن السيسي سوف يقود انقلاب على السطله المنتخبه من الشعب قبل أن يصرخ قائلاً ( والله لو فعل هذا لن اترك الشارع دفاعاً عن شرعية أصواتنا وكفاحنا فى الشارع طوال الأشهر الماضيه ولو كان الثمن حياتى ) طلبها وبصدق ونالها ولكن نحن من خسرنا ، خسرنا أنفسنا حين صدقنا الشائعات ، خسرنا عندما تركناه يواجه النظام التبعي هذا وحيداً ، خسرنا عندما استسلمنا لعجزنا الكلى لنصرته وبيان ظلمه ، وسنخسر كل يوم ما دام حق "محمود" ومن نُفذ في حقهم حكم الإعدام من بعده ومن صدر بحقهم أحكام جديده ولم نغير شئ.
لقد نَفَذ الانقلاب حكم الإعدام الأول فى عهده على "محمود" وحدث ما حذرنا منه مراراً أنه فى حين تنفيذ الحكم سوف يتم إعدام المزيد من مناهضي الانقلاب ولكن لم يسمع أحدٌ لنا وهذا ما حدث فعلاً ، فبعد "محمود" ، تخلص الانقلاب من شباب عرب شركس بنفس الطريقة والاسلوب ، وسيظل الانقلاب يحصد رقاب الشباب على حبل المشنقة طالما لا نزال ندافع عن من نعرفه فقط.
لقد تحدثت كثيراً مع شباب وقيادات الكثير من الأطياف السياسية المختلفة وكل الأطياف بلا استثناء قد تبرأت من "محمود" وأطلقت الشائعات عليه بغير علم وبغير استبيان ، أقول لأصدقائي من الأخوان المسلمين، ومحبيهم، للكاتبه آيات العرابي الذي أكدت تلك الشائعات والمذيع هشام فريد والناشطين جمال عيد وعمرو عبد الهادي أنكم شركاء فى دماء "محمود" بمهاجمتكم له فترة الاعتقال ، فمحمود لم يكن يوماً رجلاً زرعته المخابرات أو الحزب الوطني وسط الثوار ولم يكن يوماً داعشي أو طالبني ولم يكن ذقن "لعبة" أو مثل هذه الشائعات التى اعتمد مروجوها استخدامها فى تصفية حسابات شخصيه وسياسيه بعيداً عن انقاذ روح بريئه من الموت ظلماً بل والأدهي انهم أصبحوا يتاجرون بحقه بعد إعدامه.
أنت تستحق يا محمود الإعدام فعلاً لأن روحك الطاهرة لا ينبغي أن تعيش في هذا العالم المتلون ، وقلبك الصادق لا ينبغي أن يعيش وسط كل هذه الكمية من النفاق ، نعم أنت تستحق الإعدام لأن هذا العالم الذي نعيش فيه لا يري غير نفسه ، ولا يسمع سوى رأيه ، صحيح أنك فارقت الأصدقاء والخلان لكن ستبقى هذه الإبتسامة مرسومة في مخيلة جلاديك حين قابلت الموت بها ، مقبلًا غير ،لم تبدل ، ولم تغير ، ولم تشهد بغير الحق ، ولم تعمل غير الذي اعتقدته واقتنعت به.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة معملش حاجه تستحق الذكر - مصطفى إبراهيم

ما عملش حاجة تستحق الذكر موظف عادي في هيئة حكومية إجمالي ما يحصل عليه الف تلتمية و حاجة جنية لا يعول و غير مسؤول الا عن نفسه لا يبوح للأصدقاء العابرين عن أمله او يأسه كان عادي جدا مضموناً و شكل مش شرير و مش طيب مش موهوب و مش غبي  مش مجذوب و مش نبي و لا حتى عاش قصة كفاح ع اللقمة في بلد أجنبي تِلهم بتوع السيما يحوّلوها لفيلم او حتى يوحش حد ساعة الأكل م النوع اللي تستغرب لو جه لحد ف حلم بس النهارده ف المنام جالي واقف على الشعرة اللي بين الوجود و العدم..  فاتح عينيه ماشي ف شارعهم المليان تراب خطاويه ما بتعلّمش ورا منه و كأنه من غير قدم... ع الأرض و كأنه كان ماشي بس الزمن هوّ اللي ما بيمشيش كان ماشي و احنا متسمّرين حواليه لحد ما بلعه الضباب بشويش يشبه بطل أسطوري و خيالي ما عملش حاجة تستحق الذكر غير إنه واقف لسه على رجليه

أضرب.. قصيدة للشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي

اضـــــرب فلسنا نخـــاف السوط والوجعَ اضرب لأنك تبدو خائفــا جـــــــــزعَا الضــرب قشة قسم الظهر فــــــي بلدي فاضـــرب فمـا كنت فـي ذا الأمر مبتدعًا واضـــرب برأســك حيطانــــا وأعمدة واضــــــرب بظلمك أحزابـــاً ومجتمعًا الضــرب بالكــــف سهل إن صبرت لــه والضرب بالحرف دومـاً يـُـــــورثُ الهلعَا فاضـــرب بكفك طــــــول الليل توأمها حتــى بدوت كمن فــــــــي أهله فُجعَا الضـرب بالصفع فــــــي أرضي مخاطرة كــــــم قــد رأينا مرار صافــعا صُفعَا واضـــرب بليلك أخماســــــا لتسكتنا تــــرى النتيجة صــوت الحــق مرتفعاَ كــم مارس الضرب قواد وعـــــــاهرة كـــــــلاهما لصنوف العهر قـــد رضعَ فـــاضرب دفوفك يــــــا مغوار بلدتنا ونـــــم بنصرك طــــول الليل مُنخدعَا لا الضرب يُجدي ولا الأجناد تـــــــرهبنا كــــــم ضارب قـــــد دفنا بعدما قمعَا وفــر سياطك ليس الســـــــوط يرهبني واضــــرب لتسكت شعري فـي الدجي الودعَا يــا مــن بدا بارعاً فـــــي ضرب إخوته لكـــــن بضرب عــــدو الأرض ما برعَا راقب خطــــــــاك فت

قصيدة أيها المارون بين الكلمات العابرة | محمود درويش

أيها المارون بين الكلمات العابرة احملوا أسماءكم وانصرفوا واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، و انصرفوا وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا انكم لن تعرفوا كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء أيها المارون بين الكلمات العابرة منكم السيف – ومنا دمنا منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا منكم دبابة أخرى- ومنا حجر منكم قنبلة الغاز – ومنا المطر وعلينا ما عليكم من سماء وهواء فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا وادخلوا حفل عشاء راقص .. و انصرفوا وعلينا ، نحن ، أن نحرس ورد الشهداء و علينا ، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء أيها المارون بين الكلمات العابرة كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة خلنا في أرضنا ما نعمل و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى أجسادنا و لنا ما ليس يرضيكم هنا حجر.. أو خجل فخذوا الماضي ، إذا شئتم إلى سوق التحف و أعيدوا الهيكل العظمي للهدهد ، إن شئتم على صحن خزف لنا ما ليس يرضيكم ، لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل أيها المارون بين ا