أهون من قُعيس!

أهون من قُعيس!



أهون من قُعيس!
أهون من قُعيس!




أهون من قُعيس!


كان قُعيس رجل من تميم، يقال إنه قعيس بن مُقاعس بن عمرو التميمي، ولم تداول ذكره العرب علي خير بدر منه، ولا شجاعة أرعبت العدا، بل طال ذكره مقرونًا بالهوان، وإن شئت فقل بـ"الخيبة".


كان قُعيس -بحسب رواية الشرقي بن القطامي الكلبي- بعد موت أبيه عند عمته، فرهنته عند صاحب بُر، ولم تفك عمته رهانه واستعبده الحناط حتى صار عبدًا.


لم تقل العرب: "أهون من قُعيس"، من أجل هذه الحادثة، ولم أحكم عليه بقلة عقله من أجل مروعته مع عمته حتى صار عبد يباع بثمن زهيد، بل ألومه لأنه فرط في حياته بسهولة تامة من أجل الإبقاء علي ود "غير موجود".


القصة يا سادة أن قُعيس -وهو على ما يبدو طيب القلب وصادق السريرة- ذهب ضيف علي عمته وكان الجو ممطرًا عاصفًا، فلم تحسن ضيافته، ولم تقابل بره بمعروف، ولما أشتد المطر أخرجت قُعيس من منزلها لتجد مكانًا تأوي فيه كلبها، تخيل أنها استبدلت هذا المسكين بعد كل ما لاقاه منها من شر وما لاقت منه إلا الخير، واستبدلته بكلب!، وبات ليلته على باب المنزل يعوي قلبه وتئن عيناه حتى مات من البرد، ولا أحسب أن برد المكان من قتله، بل برد القلب والروح.


ماذا لو كان قُعيس يفكر قليلًا في حاله مع عمته، ماذا لو كان أرحم بنفسه عزيزًا عليه قلبه، أكانت وقتها تعرف قيمته؟، أكانت تحسست صدقه ومروءته، مات قُعيس بسبب نفسه، تنازل عن مكانته، وتقرب منها حبًا، زهد في نفسه من أجل إسعادها، كانت النهاية أنه مات، مات ليحيا كلبها، رأت أنه رغم حبه وتفانيه فيه لا يرتق لمنزلة الكلب.


ستجدونها تبكي علي ما فعلته، ستطلق التبريرات، ستقسم بكل ما أمنت به العرب ومقدساتهم وعلومهم أنها لم تكن تقصد، ربما دعت علي نفسها لتمحي من تاريخها ما فعلته، ستقول لم أكن أقصد، ولم أكن أدري، ستحاول تجميل الموقف والتأثير علي كل من يلومها لتظهر في الأخير بدور الضيحة التي خدعها هذا المسكين الذي مات على بابها.


فيا كل قُعيس.. لا تعطِ أكتر مما تأخذ، لا تقدم الخير إلا لمن يستحق، ولا تصنع المعروف في غير أهله، لا تُحقر من مقامك لإرضاء أحد، ولا تستغني عما تريده لود أحد، لا تسقي بستان غيرك وزهور قلبك في طريقها للهلاك، أنت أولى بالخير من أولئك الذين لا يحبون سوى أنفسهم، الذين يستبيحون أي شيء بقلب قاسٍ لتحقيق رغباتهم، أولئلك المرضي الذي يتلذذون بآلامك، يستمتعون لنزيفك وأنت تفعل كل ما يريدون دون أن يتلفظوا به.

اقرأ أيضًا:   أغلى ما تشتريه للإنسان خاطره


يا كل قُعيس.. إياك أن تفرط في سلامك من أجل آخر لست عنده أعظم قدرًا من كلب، إن أمطرت السماء سيحميه ويتركك تعاني الرجفة حتى الموت، لا تجعلهم يستغلونك حتى إذا حققوا مرادهم ألقوا بالتهم عليك، لا تجعل اهتمامك بهم يصنع بهم أصنامًا في الهوى، حتى إذا صدقوا أنفسهم اتهموك بالكفر بهم وحكموا عليك بالجحيم.


ويا كل عمة قُعيس، لولا سلامته النفسية وصدقه ما كان ليقبل على نفسه ما قبل، فيا ليتك تفهمين أن موت قُعيس هو موت لك، لكن ليس موت الأموات الذي نعرفه، بل موت الأساطير الذي يعيدك علي أصلك.. أفعى.



اقرأ أيضًا:   وكن من أنت حيث تكون..


شاهد أيضًا... هنا 


أهون من قُعيس!

أهون من قُعيس!

أهون من قُعيس!

أهون من قُعيس!

أهون من قُعيس!

أهون من قُعيس!

أهون من قُعيس!

أهون من قُعيس!





أهون من قُعيس!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أيشقى المرء بلين قلبه؟