أهون من قُعيس!
أهون من قُعيس! أهون من قُعيس! أهون من قُعيس! كان قُعيس رجل من تميم، يقال إنه قعيس بن مُقاعس بن عمرو التميمي، ولم تداول ذكره العرب علي خير بدر منه، ولا شجاعة أرعبت العدا، بل طال ذكره مقرونًا بالهوان، وإن شئت فقل بـ"الخيبة". كان قُعيس -بحسب رواية الشرقي بن القطامي الكلبي- بعد موت أبيه عند عمته، فرهنته عند صاحب بُر، ولم تفك عمته رهانه واستعبده الحناط حتى صار عبدًا. لم تقل العرب: "أهون من قُعيس"، من أجل هذه الحادثة، ولم أحكم عليه بقلة عقله من أجل مروعته مع عمته حتى صار عبد يباع بثمن زهيد، بل ألومه لأنه فرط في حياته بسهولة تامة من أجل الإبقاء علي ود "غير موجود". القصة يا سادة أن قُعيس -وهو على ما يبدو طيب القلب وصادق السريرة- ذهب ضيف علي عمته وكان الجو ممطرًا عاصفًا، فلم تحسن ضيافته، ولم تقابل بره بمعروف، ولما أشتد المطر أخرجت قُعيس من منزلها لتجد مكانًا تأوي فيه كلبها، تخيل أنها استبدلت هذا المسكين بعد كل ما لاقاه منها من شر وما لاقت منه إلا الخير، واستبدلته بكلب!، وبات ليلته على باب المنزل يعوي قلبه وتئن عيناه حتى مات من البرد، ولا أحسب أن برد المكان من قتله،...